words' theme=''/>

ندعو إلى التمسك بالمنهج الصحيح المتكامل لفهم الإسلام الصحيح والعمل به، والدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، لنعود بك إلى الصدر الأول على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم من القرون الفاضلة إلى يوم الدين ...أبو سامي العبدان

الأربعاء، 13 نوفمبر 2019

النصيحة للسلطان بالسر



(15) "جلد عياض بن غنم صاحب دارا حين فتحت، فأغلظ له هشام بن حكيم القول حتى غضب عياض، ثم مكث ليالي، فأتاه هشام بن حكيم فاعتذر إليه، ثم قال هشام لعياض: ألم تسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن من أشد الناس عذابا، أشدهم عذابا في الدنيا للناس؟ فقال عياض بن غنم: يا هشام بن حكيم، قد سمعنا ما سمعت، ورأينا ما رأيت، أولم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أراد أن ينصح لسلطان بأمر، فلا يبد له علانية، ولكن ليأخذ بيده، فيخلو به، فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه له. وإنك يا هشام لأنت الجريء، إذ تجترئ على سلطان الله، فهلا خشيت أن يقتلك السلطان، فتكون قتيل سلطان الله تبارك وتعالى".

منكر بهذا التمام - أخرجه أحمد 3/ 403-404، والقاسم بن سلام في "الأموال" (113)، وابن أبي عاصم في "السنة" (1096)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 118، والطبراني في "مسند الشاميين" (977)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 47/ 265 و 265-266 تاما ومختصرا من طريق صفوان بن عمرو، عن شريح بن عبيد الحضرمي، قال: فذكره، والسياق لأحمد.
وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، شريح بن عبيد: لم يذكروا له سماعا من عياض بن غنم، وقد جاء من طريق أخرى ضعيفة بينهما: جبير بن نفير [[1]]:
أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1097)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 47/ 266 من طريق محمد بن إسماعيل بن عياش، حدثنا أبي، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، قال: قال جبير بن نفير، قال عياض بن غنم لهشام بن حكيم: أو لم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"من أراد أن ينصح لذي سلطان في أمر فلا يبده علانية، ولكن ليأخذ بيده، فيخلو به، فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه له".
وهذا إسناد ضعيف، محمد بن إسماعيل بن عياش: قال أبو داود: رأيته ولم يكن بذاك، ودخلت حمص غير مرة وهو حي، وسألت عمرو بن عثمان عنه؟ فدفعه.
وقال أبو حاتم: لم يسمع من أبيه شيئا، حملوه على أن يحدث فحدث.
وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (5425) من طريق عبد الوهاب بن الضحاك، عن إسماعيل بن عياش به.
وإسناده تالف، عبد الوهاب بن الضحاك: متروك كذبه أبو حاتم، وقال أبو داود:
"يضع الحديث".
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 18-19، والطبراني 17/ (1007)، وفي "الشاميين" (1874)، والحاكم 3/ 290، والبيهقي 8/ 164، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 47/ 266-267 عن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زريق الحمصي، عن عمرو بن الحارث الحمصي، عن عبد الله بن سالم، عن الزبيدي، عن فضيل بن فضالة، عن ابن عائذ، عن جبير بن نفير، عن عياض به.
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه!".
فتعقبه الحافظ الذهبي بقوله:
"ابن زريق واه".
قلت: إن هذا الإسناد ضعيف جدا، إسحاق بن إبراهيم: أطلق محمد بن عوف أنه يكذب.
وقال النسائي: ليس بثقة إذا روى عن عمرو بن الحارث.
فَقَيَّد تضعيفه بروايته عن عمرو بن الحارث، وهذا من روايته عنه.
وعمرو بن الحارث الحمصي: قال الذهبي: لا تعرف عدالته.
وقال الحافظ الذهبي في "اختصار السنن الكبرى للبيهقي" 6/ 3269:
"هذا حديث منكر، وإِسحاق رماه محمد بن عوف بالكذب".
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1098)، وفي "الآحاد والمثاني" (876) من طريق عبد الحميد بن إبراهيم، عن عبد الله بن سالم به.
وعبد الحميد بن إبراهيم الحضرمي: ضعيف.
والحديث في "صحيح مسلم" (2613) من طريق عروة بن الزبير، عن هشام بن حكيم بن حزام، قال:
"مر بالشام على أناس، وقد أقيموا في الشمس، وصب على رءوسهم الزيت، فقال: ما هذا؟ قيل: يعذبون في الخراج، فقال: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: إن الله يعذب الذين يعذبون في الدنيا".
وخلاصة القول أن هذه الزيادة، أعني "من أراد أن ينصح لذي سلطان...الخ" زيادة منكرة، وهي تخالف أحاديث صحيحة تدل على فضل إنكار المنكر على السلطان، منها:
- حديث عبد الله بن مسعود مرفوعا، وفيه: "يخلف من بعدهم خلوف، فمن جاهدهم بيده، فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن...الحديث". أخرجه مسلم (50)، وفي "صحيح ابن حبان" (177): "سيكون أمراء من بعدي يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، لا إيمان بعده".
- ومنها حديث طارق بن شهاب، قال:
"أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان، فقام إليه رجل، فقال: الصلاة قبل الخطبة، فقال: قد ترك ما هنالك، فقال أبو سعيد: أما هذا فقد قضى ما عليه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".
أخرجه مسلم (49)، وغيره، وقد استوفيت تخريجه في "الأربعين النووية بين الرواية والدراية" الحديث رقم (34).
- ومنها حديث جابر مرفوعا: "سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله".
أخرجه الحاكم 3/ 195، والخطيب في "تاريخ بغداد" 6/ 50 و 374، وانظر "الأمالي المطلقة" للحافظ ابن حجر (131).
- ومنها حديث أم سلمة مرفوعا: "إنه يستعمل عليكم أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع". أخرجه مسلم (1854).

كتبه
أبو سامي العبدان
حسن التمام



[1] - وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 4/ 28 من طريق الإمام أحمد بإسناده لكن جاء فيه: (شريح بن عبيد، عن جبير بن نفير)، فلعلّه تصرّف من النسّاخ، والله أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حقوق النشر لكل مسلم يريد نشر الخير إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

أبو سامي العبدان حسن التمام